تيسير الزواج: منهج النبي ﷺ في المهور وحفلات الزفاف

تيسير الزواج: منهج النبي ﷺ في المهور وحفلات الزفاف

تيسير الزواج: منهج النبي ﷺ في المهور وحفلات الزفاف

يُعاني الكثير من الشباب المسلم من ارتفاع تكاليف الزواج، ما يُعيقهم عن تكوين أسرهم. في هذا المقال، نستعرض منهج النبي محمد ﷺ في المهور وحفلات الزفاف، ونبين كيفية تحقيق التيسير والبعد عن الإسراف والمظاهر الباذخة، مستندين إلى أحاديث نبوية وآيات قرآنية.

أهمية تيسير الزواج في الإسلام

حث الإسلام على الزواج، وجعله سنةً من سنن الرسل، كما جاء في قوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ…﴾ [النساء: 3]، وقوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور: 32]. كما حث النبي ﷺ على الزواج بقوله: ((يا معشرَ الشباب، مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّجْ، فإنَّه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم، فإنَّه له وِجاء)) [رواه البخاري ومسلم، وغيرهما]. ويُؤكد النبي ﷺ أهمية الزواج بقوله في حديث آخر: ((لكنِّي أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوَّج النِّساء، فمَن رغب عن سُنَّتي فليس منِّي)) [رواه البخاري ومسلم، وغيرهما].

ولذا، فإن تيسير الزواج واجبٌ على المسلمين، وخاصةً أولياء الأمور، لتحقيق سنة النبي ﷺ وتسهيل تكوين الأسر الصالحة. وقد حث النبي ﷺ على ذلك بقوله: ((إذا أتاكم مَن تَرْضَوْن دِينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير)) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب].

النهي عن المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج

يُلاحظ في مجتمعاتنا انتشار ظاهرة المغالاة في المهور، والإسراف في حفلات الزفاف، ما يُشكل عبئًا كبيرًا على الشباب، ويُبعدهم عن الزواج. وقد حذر الإسلام من الإسراف والتبذير بقوله تعالى: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 26 – 27]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29].

كما أنَّ الاستعانة بالمغنين والمغنيات، واختلاط الرجال والنساء في حفلات الزفاف، من الأمور المحرمة التي يجب تجنبها.

منهج النبي ﷺ في المهور وحفلات الزواج:

  • المهور المُيسّرة: كان صداق النبي ﷺ لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشًا (أي خمسمائة درهم)، كما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها. وقد زوّج النبي ﷺ امرأة على رجل فقير ليس عنده مال بما معه من القرآن، كما روي عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه. ويُؤكد هذا النهج على أهمية تيسير المهور وعدم جعلها عائقًا أمام الزواج.
  • الاحتفالات البسيطة: لم تكن حفلات زفاف النبي ﷺ حفلات باذخة، بل كانت بسيطة تتناسب مع أحوال الناس. وقد كان الغناء المسموح به هو الغناء العادي بين النساء، دون إعلان بمكبرات الصوت.
  • الاقتصاد والاعتدال: حثّ الإسلام على الاعتدال في الإنفاق، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67]. ويجب علينا أن نقتدي بالنبي ﷺ في الاقتصاد وعدم التبذير في حفلات الزفاف.

نصائح لتيسير الزواج والبعد عن الإسراف:

  • التعاون والتكاتف: على الأهل والأقارب التعاون في تيسير أمور الزواج، وتقديم المساعدة للمحتاجين.
  • اختيار مكان مناسب: اختيار مكان مناسب لحفل الزفاف يتناسب مع الميزانية، دون إسراف في الحجز أو التجهيزات.
  • الابتعاد عن مظاهر البذخ: الابتعاد عن مظاهر البذخ والتباهي، والاكتفاء بما هو ضروري ومناسب.
  • التركيز على الجانب الروحي: التركيز على الجانب الروحي للزواج، وجعل العلاقة الزوجية قائمة على المودة والرحمة.

الخاتمة:

إنّ تيسير الزواج واجبٌ ديني وأخلاقي، يجب علينا أن نسعى جاهدين لتحقيقه، بالبعد عن الإسراف والمغالاة، والاقتداء بسنة النبي ﷺ في هذا الشأن. فلنعمل جميعًا على بناء مجتمعات قوية متماسكة، قائمة على الأسرة المسلمة السوية. والله ولي التوفيق.

[1] رواه البخاري ومسلم، وغيرهما.
[2] رواه البخاري ومسلم، وغيرهما.
[3] رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
[4] رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *