تيسير الزواج: نصائح شرعية لتجنب الإسراف في المهور وحفلات الزفاف
بدأ العديد من المسلمين يبدون قلقهم إزاء ظاهرة المغالاة في المهور والإسراف المفرط في حفلات الزفاف، مما دفعنا إلى كتابة هذا المقال لنلقي الضوء على هذا الموضوع المهم من منظور شرعي، ونقدم بعض النصائح العملية لتيسير الزواج وتجنب الوقوع في المحظورات.
أهمية تيسير الزواج في الإسلام
يُعدّ الزواج سنةً مُحَمَّدةً، وقد حثّ الإسلام عليه بشدة، ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من الآيات والأحاديث التي تُشجِّع على الزواج وتُيسِّره. فقد قال تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ…﴾ [النساء: 3]، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معشرَ الشباب، مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّجْ، فإنَّه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم، فإنَّه له وِجاء)). [البخاري ومسلم]
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حثّ على تيسير الزواج، فقد روى الترمذي في حديث حسن غريب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أتاكم مَن تَرْضَوْن دِينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير)). وهذا يدل على أهمية تيسير الزواج لتجنب الفساد في المجتمع.
المهور المبالغ فيها ومخاطرها
يُلاحظ في مجتمعاتنا الإسلامية انتشار ظاهرة المهور الباهظة، والتي تُشكِّل عبئًا ثقيلًا على الشباب، وتُعيقهم عن الزواج، مما يُؤدي إلى انتشار ظواهر سلبية كالزواج غير الشرعي. يجب أن نُدرك أن الإسلام يُحَذِّر من الإسراف في المهور، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتزوجون بمهور بسيطة، كذلك كان عليه الصلاة والسلام. فقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن مهر النبي صلى الله عليه وسلم كان اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية، أي ما يعادل خمسمائة درهم.
الإسراف في حفلات الزفاف والمحظورات
كذلك يُلاحظ الإسراف المفرط في حفلات الزفاف، مع استخدام الأموال الطائلة في أشياء لا تُضيف قيمة حقيقية للزواج، بل قد تتضمن محظورات شرعية، مثل:
- اختلاط الرجال بالنساء: وهو من الأمور المحرمة في الإسلام.
- استخدام الموسيقى والغناء: وخاصةً إذا كان الغناء من النساء أو تضمن كلماتًا غير لائقة.
- التصوير الفوتوغرافي والفيديو: بما قد يُؤدي إلى اختلاط أو إظهار محرمات.
- الإسراف في الطعام والشراب: وهو من مظاهر البذخ التي حذّر منها الإسلام.
كل هذه الأمور تُعدّ من مظاهر الإسراف والتبذير التي نهى عنها الإسلام، فالله تعالى يقول: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 26-27].
الوسطية والاعتدال في الإنفاق
يُوصي الإسلام بالوسطية والاعتدال في جميع الأمور، بما في ذلك الإنفاق على الزواج. فالله تعالى يقول: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67]. يجب أن يكون الإنفاق على الزواج مُتناسبًا مع القدرة المالية، دون إسراف أو تقصير.
نصائح لتيسير الزواج
- اختيار مهر معقول: التشاور مع أهل العروس والعريس لاختيار مهر مُناسب لا يُثقل كاهل الزوج.
- تبسيط حفلات الزفاف: التركيز على الجوانب الروحية والدينية للزواج، وتجنب مظاهر الإسراف والتبذير.
- الاستعانة بالأسرة والأصدقاء: للمساعدة في تنظيم الحفل وتقليل التكاليف.
- الاهتمام بالجانب الروحي: التركيز على الدعاء والذكر والاستغفار، وطلب التوفيق من الله تعالى.
- الاستفادة من النصائح الشرعية: الاستشارة مع العلماء والمشايخ لتجنب الوقوع في المحظورات.
الخاتمة
في الختام، يجب علينا جميعًا أن نسعى لتيسير الزواج، وتجنب مظاهر الإسراف والتبذير، وأن نُحافظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن. فإنّ تيسير الزواج يُسهم في بناء مجتمع قويٍّ متماسك، ويُساعد على نشر الخير والبركة. نسأل الله تعالى أن يُوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه.
اترك تعليقاً