مع هبوب رياح الصيف الحارة وارتفاع درجات الحرارة، يلجأ الناس إلى وسائل التبريد المختلفة، باحثين عن الراحة من هذا الحر الشديد. لكن هذه الحرارة المؤقتة يجب أن تذكرنا بحرارة أعظم وأشد، حرارة يوم القيامة. فهل نحن مستعدون لهذا اليوم؟
تذكير بنعيم الآخرة في حر الدنيا
لقد يسر الله لنا القرآن الكريم لنتذكر ونتعظ، فلنتدبر هذه الآيات ونتفكر في معانيها. هذا الحر الذي نشعر به في أيام معدودات يتبعه هواء منعش، فهل نتذكر حر يوم عظيم، يوم تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق؟ يوم يعرق الناس عرقًا شديدًا يغرقهم، منهم من يبلغ عرقه كعبيه، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا.
السبعة الذين يظلهم الله في ظله
في ذلك اليوم العصيب، هناك من عباد الله من يظلهم الله في ظل عرشه، ومنهم من يظلهم ظل صدقاتهم التي قدموها في الدنيا. هؤلاء هم الذين استعدوا لذلك اليوم بتقوى الله والعمل الصالح.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة المتفق عليه: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».
هؤلاء هم الذين تزودوا من الدنيا بعمل صالح، واتقوا حر الآخرة بما بذلوه من خير في الدنيا.
اتقوا نار جهنم
يا عباد الله، اتقوا حر الآخرة بما تتقون به حر الدنيا وأعظم، واتقوا زمهرير جهنم بما تتقون به بردكم في الدنيا وأشد.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى الله عز وجل ما تجده من شدة حرها، وما تجده من شدة بردها، فأذن الله عز وجل لجهنم بنفسين: نفس في الصيف، وهو ما تجدونه من شدة الحر، فإنه من فيح جهنم، فأبردوا فيه بالصلاة، ونفس في الشتاء، وهو ما تجدونه من شدة البرد، فإنه من زمهرير جهنم».
فلنتضرع إلى الله ونسأله: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 65، 66].
كيف نستعد ليوم القيامة؟
- الإكثار من الأعمال الصالحة: الصدقة، الصلاة، الصيام، قراءة القرآن، وغيرها من الأعمال التي تقربنا إلى الله.
- الاجتناب عن المعاصي: الابتعاد عن كل ما يغضب الله، والتوبة النصوح من الذنوب.
- تذكر الآخرة: التفكر في الموت، والحساب، والجنة والنار، يجعلنا أكثر حرصًا على طاعة الله.
- الدعاء: الإلحاح على الله بالدعاء أن ينجينا من عذاب جهنم، وأن يرزقنا الجنة.
فلنجعل حر الصيف تذكيرًا لنا بنار الآخرة، ودافعًا لنا للاستعداد ليوم القيامة بالعمل الصالح والتقوى.
اترك تعليقاً