خطبة عيد الأضحى المبارك: دروسٌ وعبرٌ من قصة سيدنا إبراهيم وإسماعيل
مقدمة مباركة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يُشرفنا في هذا اليوم المبارك، يوم عيد الأضحى، أن نتأمل معاً في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، قصةٍ تحمل في طياتها دروساً عظيمةً وعِبراً جليلةً تُلهمنا في حياتنا. سنتناول في هذه الخطبة بعض جوانب هذه القصة العظيمة، وما تحمله من معانٍ ساميةٍ تُعيننا على تقوى الله تعالى وامتثال أوامره.
آيات قرآنية كريمة
بدأً، نستذكر بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تُرشدنا إلى الطريق المستقيم:
- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" (آل عمران: 102)
- "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (النساء: 1)
- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" (الأحزاب: 70-71)
معاني الأضحية وعظمتها
شرع الله تعالى الأضحية لعباده المؤمنين، كما ورد في قوله تعالى: "وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ" (الحج: 36) ، و "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" (الكوثر: 2). الأضحية هي عبادة عظيمة، لا تُقبل إلا لله سبحانه وتعالى، كما جاء في قوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿ ١٦٢ ﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" (الأنعام: 162-163) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله من ذبح لغير الله". (صحيح مسلم)
قصة سيدنا إبراهيم وإسماعيل: بحرٌ من العبر
تُمثل قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل عليه السلام تجسيداً رائعاً للإيمان المطلق والانقياد التام لأوامر الله. فقد أمر الله تعالى إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل، فاستجاب إبراهيم لأمر الله دون تردد، وكذلك إسماعيل الذي أظهر طاعةً كاملةً لأبيه ولربه. يقول الله تعالى: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۖ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الصافات: 102-103).
دروسٌ مستفادة من القصة:
- التسليم المطلق لله: يُظهر لنا مدى تسليم سيدنا إبراهيم وإسماعيل لأمر الله، وذلك هو جوهر الإيمان.
- الصبر على البلاء: إنّ اختبار الله لسيدنا إبراهيم كان اختباراً عظيمًا، لكن صبره كان أعظم.
- الفرج بعد الكرب: بعد هذا الاختبار الشديد، فدى الله تعالى إسماعيل بذبح عظيم، مُبيناً أن الفرج يأتي مع الكرب.
- حسن الخلق والتربية: تُظهر القصة حسن خلق إبراهيم في عرضه الأمر على ابنه برفق، وحسن خلق إسماعيل في استجابته.
- أهمية تربية الأبناء على تقوى الله: إنّ تربية إبراهيم لإسماعيل على الطاعة والانقياد مثال يحتذى به للآباء.
أهمية يوم عيد الأضحى
يُعد يوم عيد الأضحى من أفضل الأيام عند الله تعالى، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "إن أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر". (صحيح أحمد) وهو يومٌ للذكر لله تعالى، ولإظهار الشكر والامتنان له سبحانه وتعالى.
خاتمة
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلنا من عبادِه الصالحين، وأن يوفقنا لِما يُرضيه. عيدكم مبارك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اترك تعليقاً