دحض شبهات المستشرقين حول السنة النبوية المطهرة

دحض شبهات المستشرقين حول السنة النبوية المطهرة

تُعتبر السنة النبوية ركيزة أساسية في الإسلام، وقد واجهت على مرّ العصور العديد من الشُبهات والانتقادات من قبل المستشرقين وغيرهم. يهدف هذا المقال إلى دحض هذه الشُبهات وتبيان أهمية السنة النبوية وسلامة نقلها عبر التاريخ.

محاولات التقليل من شأن السنة النبوية

برزت محاولات عديدة من قبل المستشرقين، مدفوعةً بأهدافٍ مختلفة، للتقليل من شأن السنة النبوية، وتشويه صورتها، وذلك عبر عدة طرق:

  • التأثير الغربي: تأثرت بعض التيارات التنويرية الداخلية بالغرب، وانضمت إلى جحافل المستشرقين في هذا المسعى، مستغلةً وسائل الدعاية والنشر الغربية الواسعة.
  • رفض المناقشة العلمية: يُلاحظ رفض بعض الجامعات الغربية، مثل لندن وكامبردج، مناقشة أطروحاتٍ تُناقش كتاب "أصول الشريعة المحمدية" لشاخت، الذي يُعتبر مرجعًا أساسيًا في الطعن بالسنة النبوية في الأوساط الغربية. وهذا يدل على عجزهم عن مواجهة الحجج الدامغة التي تُدحض ادعاءاتهم.
  • الطرد من الجامعات: حتى محاولات النقد العلمي لكتاب شاخت، قد أدت إلى طرد أساتذة من جامعات مرموقة مثل أكسفورد، مما يُظهر عدم رغبتهم في نقاشٍ علمي نزيه.

شبهة "العادة المقدسة"

من أبرز الشُبهات التي أطلقها المستشرقون، كجولد تسيهر، شبهة "العادة المقدسة". يزعمون أن السنة النبوية ليست سوى جوهر عاداتٍ قديمة للأمة الإسلامية، وأن المسلمين ادعوا أنها سنة جديدة لتجنب الاعتراف بعاداتٍ سابقة. لكن هذا الادعاء يُعاني من تناقضاتٍ واضحة:

  • التناقض في الزعم: يُناقض هذا الادعاء حقيقة أن السنة النبوية تقوم على طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وليس على مجرد عاداتٍ لغوية قديمة.
  • الآيات القرآنية: تُؤكد آياتٌ قرآنية، مثل قوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، على وجوب طاعة الرسول، وليس مجرد اتباع العادات.
  • مثال ابن عمر: يُبرز مثالُ ابن عمر، الذي فضّل سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – على رأي أبيه عمر بن الخطاب، حقيقة أن السنة النبوية هي المرجع الأعلى، حتى ولو خالفت العرف السائد.

حفظ السنة النبوية وتدوينها

يُثير المستشرقون شكوكًا حول حفظ السنة النبوية وتدوينها، مدّعين حدوث تحريفٍ في الأزمنة اللاحقة لصحابته. لكن هذا الادعاء يُفنّده الواقع:

  • حفظ الصدور قبل السطور: تمّ حفظ السنة النبوية في صدور الصحابة قبل تدوينها، ثمّ جرى تدوينها بشكلٍ منهجي، بعد التأكد من صحتها ودقتها.
  • أوامر النبي بالتدوين: ثبت عن عددٍ كبير من الصحابة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرهم بكتابة بعض الأحاديث.
  • مراحل التدوين: مرّت عملية التدوين بمراحل متعددة، بدءًا من حفظ الصحابة، ثمّ تدوينها من قبل العلماء، مع تطبيق قواعد علمية دقيقة للجرح والتعديل.
  • المدونات الفردية: تُشير المدونات الفردية للصحابة، مثل صحيفة عبدالله بن عمرو بن العاص، إلى اهتمامهم بتدوين السنة النبوية منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم -.

الإسناد المتصل: ضمانة سلامة السنة النبوية

يُعتبر الإسناد المتصل من أهم ضمانات سلامة نقل السنة النبوية. فهو سلسلة الرواة الموصّلة إلى المتن (نص الحديث)، وقد وضع العلماء شروطًا دقيقة لقبول الحديث، بناءً على الإسناد والمتن:

  • شروط الرواة: اشتراط العدالة، والضبط، والحفظ، والسماع في كل راوي من رواة السلسلة.
  • قواعد المتن: وضع العلماء قواعد دقيقة لقبول المتن، مع مراعاة احتمالات الاضطراب، والعلة، والشذوذ، والغلط، والإدراج.
  • أحاديث الآحاد: حتى أحاديث الآحاد، مع عدم كونها قطعية، تُعتبر ذات قيمة، مع وجوب العمل بها.

سلسلتان: إحداهما متصلة والأخرى منقطعة

تُمثّل سلسلة الإسناد المتصل، بفضل جهود الصحابة وعلماء الحديث، ضمانةً لسلامة نقل السنة النبوية. أما السلسلة الثانية، فهي سلسلة الشُبهات المقذوفة، التي تُعاني من انقطاعٍ في الروح والحق والتأثير.

خاتمة

تُظهر الدراسة أن الشُبهات حول السنة النبوية لا أساس لها من الصحة، فالسنة النبوية محفوظةٌ بفضل الله – تعالى – وجهد العلماء، وسلسلة الإسناد المتصل هي ضمانةٌ لسلامتها. أما الشُبهات المقذوفة، فهي منقطعةٌ في الروح والحق، ولا تُمثل تهديدًا حقيقيًا لسلامة السنة النبوية.

المراجع:

  1. صريح السنة؛ للإمام الطبري.
  2. الاستشراق؛ د.مازن بن صلاح مطبقاني.
  3. رؤية إسلامية للاستشراق؛ أحمد عبدالحميد غراب.
  4. الاستشراق والدراسات الإسلامية؛ د.عبدالقهار العاني – رحمه الله.
  5. الاستشراق والخلفية الفكرية؛ محمود زقزوق.
  6. المستشرقون والسنة النبوية؛ د.سعد المرصفي.
  7. السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي؛ د.مصطفى السباعي.
  8. مسند الإمام احمد؛ تحقيق شعيب الأرناؤوط، ط2، مؤسسة الرسالة.
  9. حجية السنة؛ حسين الشواط.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *