سوريا بعد الطوفان: صراع حتمي أم فرصة للموازنة؟

مقدمة: وهم السلام المؤقت في سوريا الجديدة

من يظن أن سوريا في مرحلة ما بعد "الطوفان" بمنأى عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل، أو أنها قادرة على تحقيق مكاسب استراتيجية عبر المناورات السياسية لكسب الوقت وتكوين قوة ردع حقيقية، فهو واهم إلى حد بعيد. فالواقع يشير إلى أن إسرائيل، وبعد أحداث "الطوفان"، لن تسمح للنظام السوري الجديد بالاستقرار أو بناء قوة عسكرية، خاصة مع وجود مقاتلين أجانب يعتبرون الدفاع عن فلسطين قضية عقائدية لا يمكن تقييدها بالاعتبارات السياسية.

حتمية المواجهة: تحرير الأرض أم فرض واقع جديد؟

إن "الطوفان السوري" ليس سوى مسألة وقت، سواء كان ذلك عبر اقتحام الحدود أو تحرير الأراضي المحتلة، وفرض واقع سياسي جديد يهدد المشروع الصهيوني في المنطقة. هذا التهديد الوجودي لن تسمح به إسرائيل بأي حال من الأحوال.

دروس الطوفان: تعميق العمق الجغرافي الإسرائيلي

أحد أهم الدروس التي استخلصتها المنظومة الأمنية والسياسية الإسرائيلية بعد "الطوفان" هو ضرورة توسيع العمق الجغرافي خارج حدودها، داخل أراضي "العدو"، وتثبيت قواعد متقدمة لمنع تكرار ما حدث. هذا ما ستسعى إليه إسرائيل في سوريا، حتى لو اضطرت لإشعال جبهة مواجهة بحجة حماية الأقليات، ولكن بهدف حقيقي وهو قضم الأراضي وتحويل سوريا إلى نسخة جديدة من "إدلب القديمة" – دولة خدمية لا تجرؤ على التفكير في بناء قوة حقيقية. إسرائيل تخشى من وجود مقاتلين يرون في القدس بوابة السماء، ومؤشر سلامة الأمة، على حدودها الجديدة المفروضة بغطاء ناري وسياسي.

هوس الاجتثاث: صراع البقاء وتأجيل الانهيار

إسرائيل تعيش حالة من "هوس" الاجتثاث، وتصارع من أجل البقاء وتأجيل الانهيار. فشلها في حسم معركة غزة بعد عامين يعزز هذا الهوس. لذلك، ستسعى جاهدة لجر الغرب والعرب إلى معارك داخل سوريا بهدف تقسيمها وتحويلها إلى دولة منزوعة السلاح، مما يضمن تفوقها العسكري ويفرض رؤيتها لمستقبل سوريا بقوة السلاح وغطاء سياسي أمريكي وتواطؤ عربي رسمي.

سوريا الجديدة: ترتيب الأولويات والتحالفات

سوريا الجديدة بحاجة إلى ترتيب أولويات التحالف، ولا يجب أن يملي عليها أحد هذه الأولويات. الرهان على الأنظمة العربية، وبعض الأنظمة المصلحية، سيؤدي حتمًا إلى تدمير مستقبل سوريا وربما تصفية قادة مشروع التحرير.

الجنون الضروري: عدو الأمس حليف اليوم

الخطوة الأولى مطلوبة، وبعض الجنون واجب. قد يجد المرء في عدو الأمس حليفًا على قاعدة تغليب المصالح المشتركة. لا شيء ثابت في السياسة غير عدم الثبات.

عالم ما بعد الطوفان: المبادرة أو الاحتراق

العالم بعد "الطوفان" ليس كما قبله. المتردد في أخذ زمام المبادرة ستلفحه النار في عقر داره. من لم يلحظ هذا التهاوي الكبير للمشروع الصهيوني، وسعيه نحو حتفه المحتوم، فقد طُمست بصيرتُه. شرارة "الطوفان" كانت وستظل أبرز الحوادث التي ستغير مجرى التاريخ في وقت قريب، وإن حاولوا كيَّ وعي الجيل بقوة النيران التي لم تزدهم إلا ثقة بصحة الاختيار وحتمية الزوال القريب.

اللهم أبرم لنا وللشام أمر رشد يُعزّ فيه أولياؤك، ويُذلّ به أعداؤك.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *