صلاة الضحى، سنة مؤكدة حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، تحمل في طياتها فضلاً عظيماً وأجراً جزيلاً. في هذا المقال، نستعرض أهم ما ورد في فضل هذه الصلاة المباركة، ووقتها المستحب، وكيفية أدائها اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فضل صلاة الضحى: كنوز من الأجر في متناول يدك
تتجلى عظمة صلاة الضحى في الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين فضلها العظيم، ومن ذلك:
-
صدقة عن كل مفصل في الجسم: روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». وهذا يدل على أن صلاة الضحى تغني عن التصدق عن كل مفصل في الجسم، وهو فضل عظيم لا يستهان به.
-
أسرع كرة وأعظم غنيمة: بين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى تعدل في أجرها وأثرها بعثة عظيمة فقال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَسْرَعَ كَرَّةً وَأَعْظَمَ غَنِيمَةً مِنْ هَذَا الْبَعْثِ؟ رَجُلٌ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ تَحَمَّلَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ الْغَدَاةَ، ثُمَّ عَقَّبَ بِصَلَاةِ الضُّحَى، فَقَدْ أَسْرَعَ الْكَرَّةَ، وَأَعْظَمَ الْغَنِيمَةَ».
-
أجر المعتمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ».
- صلاة الأوابين: سماها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الأوابين، والأواب هو الرجاع إلى الله بالتوبة والإنابة. قال صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ». أي حين يشتد حر الشمس على صغار الإبل.
وقت صلاة الضحى: متى تبدأ ومتى تنتهي؟
يبدأ وقت صلاة الضحى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، أي بعد شروق الشمس بحوالي 15-20 دقيقة، ويمتد إلى قبيل صلاة الظهر. وأفضل وقت لأدائها حين يشتد حر الشمس، كما في حديث زيد بن أرقم السابق.
كيفية أداء صلاة الضحى: اقتداءً بالنبي ﷺ
- عدد الركعات: أقلها ركعتان، وأكثرها ثمان ركعات، ويجوز الزيادة على ذلك. فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ".
- كيفية الصلاة: تصلى ركعتين ركعتين، بتشهد وتسليم بين كل ركعتين.
- القراءة: لم يرد نص خاص بالقراءة في صلاة الضحى، فيجوز للمصلي أن يقرأ ما تيسر له من القرآن الكريم.
- مكان الأداء: يجوز أداء صلاة الضحى في البيت أو المسجد، والأفضل أداؤها في البيت إلا إذا قصد المصلي المسجد خصيصاً لأدائها.
نماذج من فعل النبي ﷺ والسلف الصالح
- النبي صلى الله عليه وسلم يحرص عليها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى في السفر والحضر، ولم يتركها إلا خشية أن تفرض على أمته.
- صلاة النبي ﷺ عند القدوم من السفر: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، وهي من صلاة الضحى.
- السلف الصالح يقتدون بالنبي ﷺ: كان الصحابة والتابعون يحرصون على صلاة الضحى، ويتنافسون في أدائها.
خاتمة
صلاة الضحى كنز عظيم من الأجور والفضائل، وهي فرصة عظيمة للمسلم لكي يتقرب إلى الله تعالى، ويكفر عن سيئاته، ويزيد في حسناته. فلنحرص على هذه السنة المؤكدة، ولنجعلها جزءاً من روتيننا اليومي، لننال فضلها العظيم في الدنيا والآخرة.
[1] – مسلم 79 – (719)، وأحمد (26287)، وابن ماجة (1381)، وابن حبان (2529).
[2] – البخاري (3088)، ومسلم 74 – (716) واللفظ له، وأبو داود (2773).
[3] – مسلم 79 – (2726)، وأحمد (26758)، وأبو داود (1503)، والترمذي (3555)، والنسائي (1352)، وابن ماجة (3808)، وابن حبان (828).
[4] – البخاري (1103)، ومسلم 80 – (336).
[5] – البخاري (502)، ومسلم 264 – (509)، وأحمد (16516) ثلاثتهم بدون لفظ "سبحة الضحى"، وابن ماجة (1430)، وابن حبان(1763،2152).
[6] – مسلم 144 – (748)، وأحمد (19319)، وابن حبان (2539).
[7] – مسلم 84 – (720)، وأحمد في "المسند" (21548)، وأبو داود (1285)، وابن خزيمة (1225).
[8] – رواه أحمد في"المسند" (23037)، وأبو داود (5242)، وابن حبان (1642)، وابن خزيمة (1226).
[9] – مسلم 286 – (670)، وأحمد (20810)، والترمذي (2850)، والنسائي (1358)، وابن حبان (6259).
[10] – رواه ابن حبان (2535)، وأبو يعلى الموصلي في"مسنده" (6559) وصححه الألباني وحسين سليم أسد.
[11] – رواه أحمد في"المسند" (22304) واللفظ له، وقال شعيب الأرنؤوط :حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وأبو داود(558) وحسنه الألباني.
[12] – البخاري (1128)، ومسلم 77 – (718)، وأحمد (25451)، وأبو داود (1293)، وابن حبان (2532).
[13] – مسلم 75 – (717)، وأحمد (25691)، وأبو داود (1292) الشطر الأول منه، والنسائي (2185).
[14] – البخاري (1981)، ومسلم 85 – (721)، وأحمد (7512)، والترمذي (760)، والنسائي(2
اترك تعليقاً