صلاة الفجر ليست مجرد فريضة، بل هي مفتاح للبركة والنجاح في يومك، وحصن حصين يحميك من وساوس الشيطان. إنها الاختبار الحقيقي الذي يميز بين المؤمن الصادق والمنافق، وبين من يفضل رضا الله على لذة النوم. فهل أنت مستعد لاجتياز هذا الاختبار بنجاح؟
فضل صلاة الفجر وأهميتها في الإسلام
لقد أنعم الله علينا بنعم لا تحصى، ومن رحمته بنا أن فرض علينا ما نستطيع القيام به. فإذا استقر الإيمان في قلبك وأحببت طاعة الله، فإن الله يجازيك بأن يجعل هذه الطاعة قربة إليه، كما جاء في الحديث القدسي: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".
ومع كل هذا الكرم والعفو، نجد من يفرط في أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ألا وهي الصلاة. قال صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله".
صلاة الفجر يسيرة على من يسرها الله عليه، ولكنها اختبار يفرق بين المؤمن والمنافق. ولا يجتاز هذا الاختبار إلا من وقر الإيمان في قلبه وثبتت محبة الله بين جوانحه.
- النجاح والتميز: أن يتعلق قلبك بصلاة الفجر وتواظب عليها في جماعة.
- الفشل والخسارة: أن تنتهي صلاة الجماعة وأنت لست بين الصفوف في أي بيت من بيوت الله.
صلاة الفجر: علامة فارقة بين المؤمن والمنافق
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم صلاة الفجر للفصل بين المؤمن والمنافق، وهذا دليل على أهميتها وعظم شأنها.
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
تخيل عظم المشكلة التي تدفع الرسول صلى الله عليه وسلم، مع رحمته، أن يهم بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الفجر! إنه يريد أن يستنقذ أمته من نار الآخرة بتخويفهم بنار الدنيا.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شك في إيمان رجل، بحث عنه في صلاة الفجر، فإن لم يجده تأكد عنده الشك نحوه.
وعند ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة الفجر والعشاء أسأنا به الظن".
متى يبدأ وينتهي وقت صلاة الفجر؟
كثير من الناس يظنون أن وقت صلاة الفجر يمتد إلى ما قبل الظهر، وهذا ظن خاطئ. مواقيت الصلاة أمور توقيفية، أي محددة بدقة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مجال للاجتهاد فيها.
أخرج مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس".
لحظة الاختبار الحقيقي: الاستيقاظ لصلاة الفجر
أشد مراحل الاختبار هو لحظة استيقاظك من النوم. تخيل نفسك في إحدى الصورتين:
- المباهي به الله: أخرج الإمام أحمد بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجب ربنا عز وجل من رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاته، فيقول ربنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه ومن بين حبه وأهله إلى صلاته؛ رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي".
- المحروم من ذمة الله: عن أم أيمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا؛ فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله". (صححه الألباني عن أحمد والبيهقي).
فإن تعمدت ألا تقوم في ميعاد الفجر، وضبطت المنبه على ميعاد العمل وليس ميعاد الفجر، أليس هذا تعمدا لترك الصلاة؟!
مكائد الشيطان وعقبات النوم
أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد؛ يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".
الأمر ليس سهلا، فمن فضل النوم على نداء الملك: (الصلاة خير من النوم) فهو ممن ينطبق عليهم هذه الرؤيا:
أخرج البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا – ورؤيا الأنبياء حق – وفي هذه الرؤيا يصوِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفاً من عذاب المذنبين من المسلمين، وقد يكون هذا العذاب في القبر، وقد يكون في النار، وقد يكون في الاثنين معا.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه أتاني الليلة آتيان (جبريل وميكائيل) وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه [أي: يشدخ]، فيتدهده الحجر [يتدحرج]، فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى".
فسر الملكان للرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل هو "الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة".
بشائر لمن قام لصلاة الفجر
أما من قام لصلاة الفجر فله بشائر عظيمة:
- من الذاكرين الشاكرين: يكتب من الذاكرين الشاكرين، لأنه من أول أن يستيقظ المؤمن يذكر الله.
- قال صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي، وأذن لي بذكره" أو "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور".
- تفتح له أبواب الجنة: إذا توضأ فتحت له أبواب الجنة إن قال بعد الوضوء: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"، وثمرتها: "إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء". (رواه مسلم).
- غفران الذنوب: إذا صلى ركعتين بعد الوضوء غفر له ذنبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه". (رواه البخاري ومسلم).
- رفع الدرجات: يرتفع قدره إن خرج من بيته متوضئا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة". (رواه مسلم).
- النور التام يوم القيامة: كان له نور إذا مشى إلى المسجد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة".
- زيارة الله: أنت ذاهب في زيارة إلى الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد، فهو زائر الله، وحق على المزور أن يكرم الزائر".
- دعاء الملائكة: إذا دخلت المسجد فالملائكة تدعو لك من أول دخولك المسجد إلى أن تخرج منه.
- خير من الدنيا وما فيها: لك مثل الدنيا إن صليت نافلة الفجر، وهي أكثر صلاة نافلة خصها رسول الله صلى الله عليه وسلم
اترك تعليقاً