مقدمة:
في رحاب الإسلام، تتجلى قيمة عظيمة تحفزنا على الارتقاء بأنفسنا والسعي نحو الكمال، ألا وهي "علو الهمة". إنها تلك الشرارة التي تشعل فينا نار الطموح، وتدفعنا نحو تحقيق أهداف سامية تتجاوز حدود المألوف. فما هو علو الهمة؟ وكيف نكتسبه؟ وما هي ثماره؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
نماذج من علو الهمة في السنة النبوية:
تزخر السنة النبوية الشريفة بنماذج رائعة تجسد علو الهمة، وتلهمنا للسير على خطاها.
-
أم حارثة والفردوس الأعلى: عندما سألت أم حارثة النبي صلى الله عليه وسلم عن مصير ابنها الذي استشهد في بدر، لم تكتفِ بمعرفة أنه في الجنة، بل سألت عن منزلته فيها. وعندما أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصاب الفردوس الأعلى، صبرت واحتسبت، راضية بأعلى الدرجات لابنها.
- ربيعة بن كعب ومرافقة النبي في الجنة: لم يطلب ربيعة بن كعب من النبي صلى الله عليه وسلم مالًا أو جاهًا، بل طلب مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهي أسمى أمنية يمكن أن يتمناها مؤمن.
علو الهمة: مطلب الأنبياء والصالحين:
لم يقتصر علو الهمة على الصحابة الكرام، بل كان صفة ملازمة للأنبياء والصالحين.
-
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالوسيلة: طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أمته أن يسألوا له الوسيلة، وهي منزلة عظيمة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله.
-
طلب موسى رؤية الله: بعد أن كلمه الله تعالى، تمنت نفس موسى رؤية الرب عز وجل، وهذا يدل على شغفه وعلو همته في الوصول إلى أعلى درجات القرب من الله.
-
دعاء سليمان بملك لا ينبغي لأحد من بعده: لم يكتفِ سليمان عليه السلام بملك عادي، بل طلب ملكًا عظيمًا لا ينبغي لأحد من بعده، فسخر الله له الرياح والجن والإنس والطير.
-
تمني الصحابة في الحجر: عندما تمنى الصحابة في الحجر، كان مطلب عبد الله بن عمر المغفرة، وهو مطلب أسمى وأعلى من مطالبهم الدنيوية.
-
طموح عمر بن عبد العزيز: كان عمر بن عبد العزيز يتمتع بنفس تواقة لا ترضى بالقليل، فبعد أن نال الإمارة والخلافة، اشتاقت نفسه إلى الجنة.
- العز بن عبد السلام وعلو مكانته: رفض العز بن عبد السلام البقاء في الكرك لأن علمه أكبر من الكرك، وهذا يدل على ثقته بنفسه وطموحه للوصول إلى أعلى المراتب.
آثار ضعف الهمة:
إن ضعف الهمة مرض يصيب الكثيرين، ويؤدي إلى الفتور والعجز عن تحقيق الأهداف، ويجعل الحياة فوضى بلا معنى.
أسباب علو الهمة:
هناك عدة أسباب تساعد على اكتساب علو الهمة، منها:
-
مصاحبة ذوي الهمم العالية: فالإنسان يتأثر بمن حوله، فمن صاحب العلماء صار عالمًا، ومن صاحب العباد صار عابدًا.
-
الطمع في الخير: كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما طمع في المناداة من أبواب الجنة كلها.
- نفع الناس وإسداء الخير لهم: كما كان يفعل سعد بن عبادة رضي الله عنه الذي كان يدعو الله أن يهبه مالًا لينفق منه في سبيل الله.
خاتمة:
إن علو الهمة هو مفتاح النجاح في الدنيا والآخرة، وهو الدافع الذي يحفزنا على الارتقاء بأنفسنا وتحقيق أهدافنا السامية. فلنجعل هممنا عالية، ونسعى جاهدين لتحقيق الكمال، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن علت همتهم وسمت نفوسهم لمعالي الأمور.
اترك تعليقاً