فضل إطعام الطعام في الإسلام: نور يهدي إلى الجنة ويزيل غبار التكذيب بالدين


مقدمة: الإطعام في صميم تعاليم الإسلام

الإسلام دين الرحمة والتكافل، ومن أبرز تجليات هذه الرحمة هو الحث على إطعام الطعام، ليس فقط كعمل إنساني نبيل، بل كعبادة عظيمة تقرب العبد إلى ربه وتزيل عنه غبار التكذيب بالدين. فإطعام الطعام في الإسلام يتجاوز مجرد سدّ حاجة الجائع، ليصبح رمزًا للتراحم والتآخي والتكافل الاجتماعي. فما هي مكانة هذا العمل الجليل في الإسلام؟ وما هي الآثار المترتبة على تركه؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.

إطعام الطعام: دليل خيرية المسلم ومفتاح الجنة

لقد جعل الإسلام إطعام الطعام من أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى ربه. فعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: "أي الإسلام خير؟" أجاب: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف". هذا الحديث النبوي الشريف يوضح لنا أن إطعام الطعام ليس مجرد عمل عابر، بل هو جزء لا يتجزأ من جوهر الإسلام، وعلامة على خيرية المسلم.

والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن إطعام الطعام من موجبات المغفرة واستحقاق الجنة. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن موجبات المغفرة بذل الطعام، وإفشاء السلام، وحسن الكلام". وفي حديث آخر: "أيما مؤمن أطعم مؤمنًا على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمنًا على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمنًا على عرى كساه الله من حلل الجنة".

قصص مؤثرة في فضل الإطعام

تتجلى أهمية إطعام الطعام في القصص التي نقلت عن الصالحين والسلف الصالح. فقد ورد أن عبد الله بن المبارك رأى صبيين جائعين، فأنفق عليهم ما كان قد ادخره لنفقات الحج، ثم عاد إلى بلده قائلاً: "هذا أفضل مما قصدنا إليه". لقد أدرك ابن المبارك أن صيانة طفلين من الجوع والعرى أفضل من التطوع بالطواف بالبيت الحرام والصلاة في المسجد الحرام.

تحذير شديد من إهمال إطعام المسكين

لم يكتف الإسلام بالحث على إطعام الطعام، بل حذر بشدة من إهمال المسكين وعدم إطعامه. فقد جاءت آيات القرآن الكريم تنذر بالويل والعذاب لكل من لا يطعم المسكين أو يقسو على الفقير والمحروم.

في سورة المدثر، يعرض لنا القرآن مشهدًا من مشاهد الآخرة، حيث يتساءل أصحاب اليمين عن المجرمين: "{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ}". هذه الآية الكريمة توضح أن عدم إطعام المسكين من الأسباب التي تؤدي إلى دخول النار.

وفي سورة الحاقة، يذكر القرآن الكريم أن من أسباب دخول النار أيضًا عدم الحض على إطعام المسكين: "{إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}".

مسؤولية المجتمع تجاه الجائع

الإسلام لا يحمل الفرد وحده مسؤولية إطعام الجائع، بل يعتبرها مسؤولية جماعية تقع على عاتق المجتمع بأكمله. فإذا بات فرد واحد جائعًا، فالأمة تبيت آثمة ما لم تتحاض على إطعامه.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جانبه طاو". ويقول أيضًا: "أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعًا فقد برئت منهم ذمة الله".

الحق في الطعام: حق الدفاع عن الحياة

لقد وصل الإسلام في حرصه على إطعام الجائع إلى حد إباحة القتال من أجل الحصول على الطعام. فإذا اشتد جوع إنسان حتى عجز عن طلب القوت، ففرض على كل من علم به أن يطعمه أو يدله على من يطعمه، فإن امتنعوا عن ذلك اشتركوا جميعًا في الإثم. وإذا جاع إنسان أو عطش أو مرض بحيث أشرف على الهلاك، وجب على من يعلم بحاله أن يبادر إلى إنقاذه، فإن كان عنده فضل من طعام أو شراب أو دواء أو مال يشترى به ما يدفع الهلاك عن ذلك الإنسان وجب أن يدفعه إليه، فإذا امتنع كان لذلك المضطر أن يأخذه عنوة ويقاتله عليه، فإن قتل كان على المانع القصاص، وإن قتل المانع لم يكن على قاتله المضطر شيء.

خاتمة: دعوة إلى التكافل والرحمة

بعد هذا العرض الموجز لمكانة إطعام الطعام في الإسلام، يتضح لنا أن موت العشرات أو حتى الآحاد يوميًا من الجوع ليس من الإسلام في شيء، وأننا جميعًا سنأثم عن ذلك. لذا، يجب علينا أن نتكاتف ونتعاون على إطعام الجائع وسد حاجة المحتاج، وأن نجعل من إطعام الطعام جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، امتثالًا لأوامر الله ورسوله، وتحقيقًا لروح التكافل والرحمة التي حث عليها الإسلام.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *