فضل الله على داود عليه السلام: تفسير آية “ولقد آتينا داود منا فضلا”

فضل الله على داود عليه السلام: تفسير آية "ولقد آتينا داود منا فضلا"

تتناول هذه المقالة تفسير آية كريمة من سورة سبأ، الآية العاشرة، والتي تتحدث عن فضل الله العظيم على النبي داود عليه السلام، ونعمة الله عليه. سنستعرض الآية الكريم، ثم نناقش تفاسيرها المختلفة من خلال ما جاء في كتب التفسير المشهورة، بالإضافة إلى بعض الروايات المتعلقة بهذه الآية.

الآية الكريمة:

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} (سورة سبأ، الآية 10)

تفاسير الآية:

تعددت التفاسير لهذه الآية الكريمة، إذ يختلف المفسرون في تحديد ماهية "الفضل" الذي منحه الله تعالى لداود عليه السلام، كما يختلفون في تفسير "أوبي" و "الطير" و "أَلَنَّا له الحديد".

تفسير "الفضل":

يشير بعض المفسرين إلى أن "الفضل" يشمل النبوة والكتاب، ويذهب آخرون إلى أن المراد به الملك، بينما يرى البعض الآخر أن "الفضل" يشمل جميع النعم التي أنعم الله بها على داود، من حسن الصوت، وتليين الحديد، وغيرها من المواهب.

تفسير "يا جبال أوبي معه":

هناك عدة تفسيرات لقوله تعالى "يا جبال أوبي معه":

  • التسبيح: يقول بعض المفسرين إن الجبال كانت تُسبح مع داود عليه السلام عندما يسبح الله، مجاوبةً له بالتسبيح.
  • الرجوع: يرى آخرون أن "أوبي" مشتقة من الإياب، أي الرجوع، والمعنى أن الجبال كانت ترجع وتتردد معه.
  • التأويب في السير: يُرجّح بعضهم أن المعنى هو أن الجبال كانت تُؤوّب معه، أي تسير معه وترافقه.
  • النوح: وهناك من فسّر "أوبي" بأنها نوحي، أي تندب معه.

تفسير "والطير":

أما "والطير"، فيُفسرها بعض المفسرين بأن الطيور كانت تُسبح مع داود عليه السلام، أو تُسخر له وتطيعه. ويذكر بعضهم أن الطيور كانت تعكف عليه وتسعده أثناء تسبيحه. ويُلاحظ اختلاف في قراءة الآية، فبعض القراء قرأ "والطير" بالرفع، مُرجعًا إياه إلى الجبال.

تفسير "وألنا له الحديد":

أما "وأَلَنَّا له الحديد"، فالمعنى واضح وهو أن الله تعالى سخر للحديد ليونةً في يد داود عليه السلام، حتى أصبح يَسهُلُ عليه تشكيله كما لو كان طينًا مبلولًا، دون الحاجة إلى نار أو مطرقة.

قصة تليين الحديد وسببها:

تروي بعض الروايات أن داود عليه السلام كان يتنكر بين الناس ليستمع إلى آرائهم فيه، وأن ملكًا قد ظهر له في هيئة بشرية، وأخبره بنقطة ضعف فيه، وهي أنه يأكل ويُطعم عياله من بيت المال. فَتَنَبَّه داود لهذا الأمر، ودعا الله أن يُيسّر له سبيلًا للرزق يستغني به عن بيت المال. فاستجاب الله لدعائه، وألن له الحديد وعلمه صناعة الدروع، فصار يصنعها ويبِيعها، ويُطعم عياله ويتصدق على الفقراء. وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن داود عليه السلام كان لا يأكل إلا من عمل يده.

الخاتمة:

تُبيِّن آية "ولقد آتينا داود منا فضلاً" عظمة فضل الله على عباده الصالحين، وكيف يُمكن أن يُمنّ الله على عبده بنعمٍ عظيمةٍ إذا دعاه خالصًا مُخلصًا. كما تُبرز الآية قدرة الله تعالى على تسخير الكون لخدمة عباده، وجعله في طاعته، من جبالٍ وطيرٍ وحديد.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *