ساعة الاستجابة يوم الجمعة: نفحات إيمانية بعد العصر
يوم الجمعة يوم فضيل، خصّه الله ببركات وخيرات عظيمة، ومن بين هذه البركات ساعة مباركة يستجاب فيها الدعاء. فما هي هذه الساعة؟ وما فضلها؟ وكيف نغتنمها؟
فضل ساعة الاستجابة يوم الجمعة
وردت أحاديث نبوية شريفة تؤكد وجود ساعة استجابة في يوم الجمعة، وتحثّ المسلمين على اغتنامها بالدعاء والتضرع إلى الله.
-
حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة: روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ». وهذا الحديث يؤكد أن هذه الساعة تقع بعد صلاة العصر.
-
حديث جابر بن عبد الله: وروى أبو داود والنسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، لَا يُوجَدُ فِيهَـا عَبْـدٌ مُسْلِـمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا آتَاهُ إِيَّاهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ». وهذا الحديث يوضح أن هذه الساعة هي آخر ساعة بعد العصر.
- إجماع الصحابة: روى سعيد بن منصور في سننه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة. وهذا يدل على اتفاق الصحابة على أن ساعة الإجابة هي آخر ساعة من يوم الجمعة.
تحديد ساعة الاستجابة: بين الأقوال والترجيحات
على الرغم من ورود الأحاديث التي تحدد ساعة الإجابة بعد العصر، فقد اختلف العلماء في تحديدها بدقة. ولكن الراجح أنها آخر ساعة من النهار، وذلك لما رواه ابن ماجه عن عبد الله بن سلام:
- حديث عبد الله بن سلام: في سنن ابن ماجه عن عبد الله بن سلام قال: "إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَشَارَ إِلَيَّ ﷺ: «أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ»، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ، أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ. قُلْتُ: أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ ؟ قَالَ: «هِيَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ». قُلْتُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ ؟! قَالَ: «بَلَى، إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ لَا يَحْبِسُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ»."
وهذا الحديث يوضح أن هذه الساعة قد لا تكون ساعة صلاة مباشرة، ولكن العبد إذا جلس بعد صلاة العصر ينتظر الصلاة التالية، فإنه يعتبر في حكم المصلي، ويستجاب دعاؤه.
كيفية اغتنام ساعة الاستجابة
لتحقيق أقصى استفادة من ساعة الاستجابة يوم الجمعة، ينصح بما يلي:
- الإخلاص في الدعاء: الدعاء بقلب خاشع ومخلص لله تعالى.
- التضرع والابتهال: التذلل لله والاعتراف بالضعف والحاجة إليه.
- الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء والإصرار عليه.
- حسن الظن بالله: اليقين بأن الله سيستجيب للدعاء.
- الدعاء لأنفسنا وللمسلمين: عدم الاقتصار على الدعاء لأنفسنا، بل الدعاء للمسلمين بالخير والصلاح.
- الاستغفار والتوبة: الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله.
- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
خاتمة
فلنجتهد في اغتنام هذه الساعة المباركة بالدعاء والتضرع إلى الله، ونسأله من فضله العظيم، وأن يتقبل منا دعواتنا ويقضي حوائجنا، ويغفر لنا ذنوبنا. جعلنا الله وإياكم من الفائزين ببركات يوم الجمعة.
اترك تعليقاً