هل ينجح ترامب حيث فشل بايدن؟ نظرة معمقة على الاستراتيجية الأمريكية في اليمن
تثير الاستراتيجية التي تتبعها إدارة الرئيس ترامب في اليمن تساؤلات عديدة حول أهدافها وفعاليتها. ففي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأمريكية إلى تحقيق مكاسب سريعة وإظهار قدرتها على حل المشكلات التي عجزت عنها الإدارات السابقة، يرى مراقبون أن النهج المتبع قد يؤدي إلى نتائج عكسية وتوريط الولايات المتحدة في مستنقع جديد.
غموض الأهداف الاستراتيجية وتضارب التصريحات
لا تزال الأهداف الاستراتيجية للحرب التي يخوضها ترامب في اليمن غير واضحة المعالم. فبينما يركز وزير الدفاع الأمريكي على استعادة قدرة الردع وضمان حرية الملاحة في الممرات المائية، يشكك آخرون في جدوى هذه الأهداف، محذرين من مغبة تكرار الأخطاء السابقة وإنقاذ الحلفاء الأوروبيين مرة أخرى.
هل فتح الممرات البحرية أولوية حقيقية؟
يثير التركيز على فتح الممرات البحرية تساؤلات حول ما إذا كان هذا الهدف يتماشى مع الواقع الحالي للتجارة الدولية. ففي ظل التحديات التي تواجه التجارة العالمية وتراجع أسعار الشحن، يرى البعض أن فتح الممرات البحرية لا يشكل أولوية ملحة، وأن الإجراءات التي اتخذها ترامب في مجال التجارة قد تكون أكثر ضررًا من تصرفات الحوثيين.
استعراض القوة أم رسالة خاطئة؟
إذا كانت إدارة ترامب تسعى من خلال عملياتها العسكرية في اليمن إلى إرسال رسالة إلى الصين بشأن تايوان، فإن الأداء المتذبذب في اليمن قد يؤدي إلى نتائج عكسية. فبدلاً من إظهار القوة والردع، قد يُنظر إلى هذه العمليات على أنها دليل على ضعف الولايات المتحدة وقدرتها المحدودة على تحقيق أهدافها.
غياب استراتيجية الخروج: تعقيدات متزايدة
إن استراتيجية الردع التي تتبعها الولايات المتحدة في اليمن تواجه تعقيدات كبيرة بسبب غياب استراتيجية واضحة للخروج. فبدون هدف واضح ونهاية محددة، فإن أي نجاح عسكري مؤقت قد يتبخر بسرعة، خاصة في ظل طبيعة الصراع المعقدة في اليمن.
ضرورة استراتيجية هجينة وشريك محلي قوي
لتحقيق أي نجاح حقيقي في اليمن، يجب أن تتضمن الاستراتيجية الأمريكية مزيجًا من العمليات الداخلية والخارجية، مع التركيز على دعم حليف محلي قوي قادر على تحريك القوات على الأرض. فبدون هذا الدعم، فإن الاعتماد على الضربات الجوية وحدها لن يكون كافيًا لتحقيق الاستقرار في اليمن.
ترامب وتكرار أخطاء الماضي
بعد عام كامل من الضربات الأمريكية والبريطانية على أهداف الحوثيين، يصر ترامب على تصعيد العمليات العسكرية، معتقدًا أنه قادر على تحقيق ما فشل فيه سلفه. إلا أن هذا النهج قد يتجاهل التعقيدات الكامنة في الصراع اليمني ويؤدي إلى تكرار أخطاء الماضي.
تشتت التركيز وتجاهل الحقائق
في ظل انشغال ترامب بمعارك أخرى على المسرح الدولي، يبدو أن التركيز على اليمن مشتتًا، حتى أن وزارة الدفاع الأمريكية لا تقدم أي إيجازات منتظمة لوسائل الإعلام حول الوضع في اليمن. هذا التجاهل للحقائق قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة وتفاقم الوضع في اليمن.
تحديات الحوثيين: مرونة وتكيف
يدرك المسؤولون الأمريكيون جيدًا التحديات التي يمثلها الحوثيون، فهم يتمتعون بمرونة عملياتية وقدرة على التكيف الاستراتيجي ونفوذ عميق داخل اليمن. كما أنهم قادرون على إنتاج وسائل قتالية رخيصة وفعالة، مما يزيد من صعوبة مواجهتهم.
معادلة غير متكافئة: صواريخ متقدمة ضد طائرات مسيرة رخيصة
تواجه الولايات المتحدة معادلة غير متكافئة في اليمن، حيث تستخدم صواريخ متقدمة وغالية الثمن لإسقاط طائرات مسيرة رخيصة نسبيًا. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مدى فعالية هذه الاستراتيجية وتأثيرها على المخزون الأمريكي من الذخائر الذكية.
خطر استنزاف الذخيرة الذكية وتأثيره على جاهزية أمريكا
هناك تخوف كبير من أن يؤدي استمرار العمليات العسكرية في اليمن إلى استنزاف المخزون الأمريكي من الذخيرة الذكية، مما قد يؤثر على جاهزية الولايات المتحدة للرد على التهديدات في مناطق أخرى، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ حيث تواجه تحديات متزايدة من الصين.
محدودية القدرة التصنيعية وتحديات إعادة التعبئة
إن إنتاج الذخيرة الذكية ليس بالأمر اليسير، كما أن إعادة ملء المخازن منها يتطلب وقتًا وجهدًا. ففي ظل محدودية القدرة التصنيعية الأمريكية، قد تواجه الولايات المتحدة صعوبات في تلبية احتياجاتها من الذخيرة في حال تصاعد الصراعات في مناطق أخرى.
سيناريوهات محتملة ومآلات غير واضحة
في ظل هذه التحديات، يصعب التكهن بمستقبل حرب ترامب في اليمن. فبينما يسعى الرئيس الأمريكي إلى تحقيق نصر سريع وملموس، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أن الصراع اليمني معقد ومتشعب، وأن تحقيق الاستقرار فيه يتطلب مقاربة شاملة تأخذ في الاعتبار كافة العوامل المؤثرة.
دروس من الماضي: أفغانستان مثالًا
يذكرنا الوضع في اليمن بتجربة الولايات المتحدة في أفغانستان، حيث استمرت الحرب لسنوات طويلة دون تحقيق الأهداف المرجوة. فبدلاً من "القضاء التام" على طالبان، عادت الأخيرة لتحكم البلاد بعد 19 عامًا من الحرب.
حلفاء مترددون ومخاوف متزايدة
في ظل هذه التحديات، يبدو أن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة مترددون في الانخراط بشكل كامل في الصراع اليمني، خشية أن تتخلى الولايات المتحدة عنهم في أي لحظة.
ترامب: صانع قرار جريء أم مقامر متهور؟
تثير شخصية ترامب المخاوف من اتخاذ قرارات متهورة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع في اليمن. ففي ظل سعيه الدائم لتحقيق "النتيجة الأقوى والأكثر لمعانًا"، قد يتجاهل ترامب الأضرار الجانبية التي قد تنجم عن قراراته.
خسارة الحروب: خطر حقيقي يهدد أمريكا
في النهاية، فإن الخطر الحقيقي الذي يواجه الولايات المتحدة ليس زوال الملك، بل خسارة الحروب مرة تلو الأخرى. فبدون استراتيجية واضحة وأهداف واقعية، فإن التدخل في الصراعات المعقدة مثل اليمن قد يؤدي إلى نتائج عكسية وتقويض مكانة الولايات المتحدة على المسرح الدولي.
اترك تعليقاً