من النشوة إلى القلق: كيف تبددت فرحة إسرائيل بعد الضربة المزعومة في إيران

من النشوة إلى القلق: كيف تبددت فرحة إسرائيل بعد الضربة المزعومة في إيران

مقدمة

بعد أيام قليلة من الضربة التي نُسبت إلى إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية، والتي أشعلت فتيلًا من التكهنات والتحليلات، بدأت مظاهر الفرح والاحتفاء التي عمت الأوساط الإسرائيلية تتلاشى تدريجيًا، لتفسح المجال أمام مخاوف متزايدة وقلق حيال مستقبل المواجهة. فما الذي حدث؟ وكيف تحولت النشوة الأولية إلى شعور بالتردد والحذر؟

النشوة الأولية: لحظات من التباهي والانتصار

في أعقاب العملية المزعومة، سادت حالة من الابتهاج في إسرائيل، حيث تحدثت وسائل الإعلام عن "نجاح" الجيش الإسرائيلي في تنفيذ ضربة استباقية استهدفت مواقع حساسة داخل إيران. وشملت هذه "النجاحات" المزعومة اغتيال شخصيات بارزة، وتدمير منشآت نووية وعسكرية، مما أثار موجة من الفخر والتباهي بين السياسيين والمعلقين العسكريين.

  • الالتفاف حول الحكومة: استغلت حكومة نتنياهو هذه اللحظة لتعزيز شعبيتها وكسب تأييد الرأي العام، الذي بدا وكأنه نسي سريعًا إخفاقات 7 أكتوبر.
  • إحياء أسطورة الجيش الذي لا يقهر: عادت إلى الواجهة صورة الجيش الإسرائيلي كقوة لا تُقهر، واستُحضرت ذكريات الانتصارات السابقة، مما أدى إلى تخدير مؤقت للحس النقدي.

التحذيرات المبكرة: صوت العقل في مواجهة النشوة

وسط هذا الاحتفاء المفرط، ظهرت أصوات قليلة حذرت من التهور وطالبت بانتظار الرد الإيراني. وركزت هذه الأصوات على أهمية التمييز بين الحكمة والاندفاع، وعلى ضرورة تقييم الوضع بموضوعية بعيدًا عن النشوة اللحظية.

  • الشكوك حول القدرة على الردع: شكك بعض المحللين في قدرة إسرائيل على القضاء على قدرات الردع الإيرانية، وحذروا من أن تأخر الرد قد يكون ناتجًا عن إعادة تقييم استراتيجي إيراني وليس عن عجز.

الدعم الأمريكي المتردد: بداية الشعور بالعزلة

في البداية، أثارت التصريحات الأمريكية الأولية، التي بدت وكأنها تنأى بنفسها عن العملية، مخاوف في إسرائيل. لكن سرعان ما تبددت هذه المخاوف بانضمام ترامب إلى الاحتفالات، وإعلانه عن دعمه للعملية. ومع ذلك، وبعد الرد الإيراني، بدا واضحًا أن إسرائيل تقف وحيدة تقريبًا، على عكس ما حدث في عهد بايدن عندما حشد العالم للدفاع عنها.

  • تزايد المطالبات بالتدخل الأمريكي: عكس تزايد الطلبات الإسرائيلية بالتدخل الأمريكي المتزايد شعورًا بالقلق وعدم الارتياح تجاه تطورات المواجهة.

الرد الإيراني: واقع قاسٍ يصطدم بالنشوة

جاء الرد الإيراني سريعًا وقويًا، واستهدف منشآت حيوية في إسرائيل، مما أدى إلى إصدار أصوات أخرى أكثر واقعية، وانتقادات للحكومة لعدم إعداد المجتمع لتحمل أعباء الحرب.

  • العجز عن تلبية احتياجات السكان: كشف الرد الإيراني عن ضعف الاستعدادات المدنية، وعجز المدن عن توفير الملاجئ اللازمة للسكان.
  • فشل الدفاعات الصاروخية: أظهرت منظومات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية عجزًا أمام حجم وقوة الضربات الإيرانية، مما أثار تساؤلات حول فعاليتها.

البحث عن تبريرات: محاولات لإنقاذ الموقف

بعد الصدمة الأولية، بدأ المعلقون العسكريون المقربون من المؤسسة في البحث عن تبريرات لما حدث، والتأكيد على أن الحرب الجديدة ليست كالحروب السابقة، وأنها قد تتحول إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.

  • الاعتراف بالحاجة إلى مساعدة أمريكية: تصاعدت الأصوات التي تطالب الولايات المتحدة بالتدخل المباشر وتدمير المنشآت النووية الإيرانية، مما يعكس اعترافًا ضمنيًا بعجز إسرائيل عن تحقيق ذلك بمفردها.

المخاوف من حرب استنزاف: سيناريو مرعب للإسرائيليين

لا شيء يرهب الإسرائيليين أكثر من حرب استنزاف جديدة، خاصة بعد أكثر من 20 شهرًا من الصراع المستمر. فالجميع يدرك أن الحروب مع إيران من السهل إشعالها، ولكن من الصعب إخمادها.

  • التحذير من عواقب وخيمة: حذرت افتتاحية صحيفة "هآرتس" من أن الحملة الحالية هي حرب بكل معنى الكلمة، وأنها قد تتدهور إلى حرب شاملة ومدمرة.

نتنياهو والمقامرة الخطيرة: البحث عن النصر بأي ثمن

يرى البعض أن نتنياهو يقود إسرائيل إلى مقامرة خطيرة، ويسعى إلى تحقيق نصر بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب أمن واستقرار إسرائيل. فالرجل الذي حذر من انهيار الأبراج في محيط وزارة الدفاع تحت نيران حزب الله، يراهن الآن على صمودها أمام الحرس الثوري الإيراني.

  • الانتقادات الداخلية المتزايدة: بدأت الانتقادات الداخلية في إسرائيل تقلق متخذي القرارات في الحكومة، خاصة مع استمرار الحرب وتصاعد المخاطر.

الخلاصة: من النشوة إلى القلق، رحلة قصيرة ومؤلمة

باختصار، فإن النشوة التي أعقبت الضربة المزعومة في إيران لم تدم طويلاً، وسرعان ما تبددت لتحل محلها مخاوف وقلق متزايد حيال مستقبل المواجهة. فهل ستتمكن إسرائيل من الخروج من هذه الأزمة بسلام؟ أم أنها ستنزلق إلى حرب شاملة ومدمرة؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *