من رعاة غنم إلى قادة عالم: قصة إعجازية للتحول الإسلامي

من رعاة غنم إلى قادة عالم: قصة إعجازية للتحول الإسلامي

من رعاة غنم إلى قادة عالم: قصة إعجازية للتحول الإسلامي

الحمد لله القوي القهار، العزيز الجبار، الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.

دعوة إلى التقوى والتمسك بالقرآن

أوصيكم أيها الإخوة والأخوات بتقوى الله عز وجل، ففي التقوى الكرامة، وفي كتاب الله الأنس، وفي القناعة الغنى، وفي الصدق النجاة، وفي ترك الحسد الراحة، وفي حفظ اللسان السلامة، وفي حسن الخلق ثقل الميزان، وفي كثرة الذكر رفعة الدرجات. كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد:28].

عظمة الإسلام وانسجام أتباعه

معاشر المؤمنين، تأملوا في الحجاج وهم يؤدون مناسكهم، متباينين الألوان واللغات والأجناس، متوحدين في مكان واحد، بزي واحد، يهتفون بنداء واحد، صفوفهم متراصة، قلوبهم متآلفة، آمالهم موحدة. ألا ترون في هذا المشهد عظمة الإسلام، وتشريع رب العالمين؟ لا قوة أرضية تستطيع صنع هذا الانسجام، ولا إذابة الفوارق بين البشر إلا الإسلام. كما قال تعالى: {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدون} [البقرة:138].

التحول الإعجازي: من التخلف إلى الريادة

كيف أحدث الإسلام هذا التحول الهائل في سلوك الناس وقناعاتهم وأخلاقهم؟ رغم محدودية أدواته ووسائله، أحدث تغييراً جذرياً لم تفعله أي حركة إصلاحية أخرى. قارنوا بين العرب قبل الإسلام وبعده:

  • قبل الإسلام: أدنى درجات الحضارة، ضعف، تخلف، تبعية، أمية، جهل، وثنية، تناحر، فوضى، عصبية قبلية.
  • بعد الإسلام: قمّة الحضارة، الريادة، السيادة، التأثير، القيادة، انتشار العلم، إقامة العدل، بناء حضارة فريدة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.

انتقلوا من صحراء جرداء إلى فتح الأمصار والبلدان، هدم عروش الطغيان، ونشر العدل والسلام في العالم. كيف تحول رعاة غنم متخلفون إلى أعظم قادة أمم فاتحين؟

سرّ التحول: منهج إلهي متكامل

هذا التحول ليس عاديًا، بل جذري في فكر الإنسان، وعيه، قيمه، أهدافه، وغاياته. قوة عليا، مصدر إلهي، هو الذي أحدث هذا التغيير. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم} [الحديد:9].

العرب قبل الإسلام كانوا في جهل مُدقع، يتناحرون، يسلبون، ينهبون، يقتتلون، يعبدون الأوثان، يأودون البنات. ثم بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، ليدعوهم إلى توحيد الله، ويعلّمهم منهج القرآن وتعاليم الإسلام.

تأثير الإسلام: تغيير جذري في النفوس

القرآن غيّر أحوالهم، طهر أرواحهم، زكى أخلاقهم، وصاغ عقولهم. لم يكن هذا مجرد تحسن في السلوك، بل انقلابًا كليًا في نظرة الإنسان للحياة، لنفسه، لخالقه، ولمن حوله. أصبحوا أمة جديدة لها غاية، رسالة، ومنهج:

  • منهجهم: القرآن.
  • غايتهم: رضا الرحمن.
  • رسالتهم: هداية الناس للإسلام.

رأوا الموت في سبيل الحق أكرم من حياة الذل، وأقاموا العدل، واعتبر الدين أمانة، والناس سواسية. قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].

أمثلة على التحول: من عمر بن الخطاب إلى غيره

أمثلة كثيرة على هذا التحول، كعمر بن الخطاب رضي الله عنه، من أعرابي فظّ إلى نموذج للعبقرية، العدل، الرحمة، والزهد. أصبحوا ولاة، قادة، قضاة، معلمين، ينشرون العلم، يُقيمون العدل، يُربون الأجيال، ويديرون دولًا مترامية الأطراف. أي منهج هذا الذي يحول النفوس إلى هذا المستوى من التفاني؟ أي نبي هذا الذي ربى أولئك الرجال؟ أي كتاب هذا الذي هزّ الأرواح؟ قال تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُون} [الأنبياء:10]. وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين} [آل عمران:64].

شهادة خصوم الإسلام على الإعجاز

حتى خصوم الإسلام شهدوا بأن هذا التحول ليس عاديًا، وأن وراءه سرًّا إلهيًا. كقول غوستاف لوبون، وغيره من المؤرخين والمستشرقين.

الخلاصة: العودة إلى الإسلام سبيل العزة

المسلمون حين تمسكوا بتعاليم دينهم سادوا، شادوا، عمروا الأرض، وأضاءوا طريق التقدم. ولما ابتعدوا عنه، انحدروا. العودة للإسلام هي سبيل العزة والمجد. قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [آل عمران: 110]. وعودوا إلى كتاب ربكم وسنة نبيكم، ليعود إليكم مجدكم وعزكم. قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّ

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *