في خضم تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، يظهر انقسام عميق في قاعدة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ودور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فهل يشهد العالم تحولاً في مواقف اليمين الأمريكي تجاه إسرائيل، أم أن الأمر مجرد خلافات عابرة؟
ترامب وإرث "صانع السلام" في مواجهة واقع التصعيد
بعد أن تعهد ترامب بـ "وقف جميع الحروب" وترك إرث "صانع السلام"، يجد نفسه اليوم في مواجهة واقع جيوسياسي معقد. الضربات الإسرائيلية على إيران، والتي تلقى على ما يبدو ضوءًا أخضر ضمنيًا من واشنطن، تهدد بإشعال حرب إقليمية شاملة قد تجرّ القوات الأمريكية إلى أتونها.
هذا السيناريو المحتمل يثير حفيظة قطاع واسع من قاعدة ترامب الانتخابية، التي ترى أن الدعم غير المشروط لإسرائيل يتعارض مع شعار "أمريكا أولاً" الذي أوصل ترامب إلى السلطة.
"أمريكا أولاً" في مواجهة الدعم غير المشروط لإسرائيل
تعتبر شخصيات يمينية بارزة، بما في ذلك حلفاء مقربون من ترامب، أن التدخل في صراعات الشرق الأوسط لا يخدم المصالح الأمريكية، بل يُقوّض الأجندة الداخلية للبلاد. تاكر كارلسون، أحد أبرز الأصوات المحافظة، يرى أنه لا ينبغي للولايات المتحدة دعم سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "المتعطشة للحرب"، وأن على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية حروبها.
مخاوف اليمين الأمريكي تتلخص في النقاط التالية:
- تورط الولايات المتحدة في حروب لا تخدم مصالحها: يخشى الكثيرون من تكرار سيناريو العراق وأفغانستان، حيث أزهقت أرواح آلاف الجنود الأمريكيين، واستنزفت موارد البلاد، دون تحقيق أهداف واضحة.
- تأجيج الإرهاب: يرى البعض أن الحرب مع إيران قد تُغذي الجيل القادم من الإرهاب، وتزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
- تقويض الأجندة الداخلية: يعتقدون أن التركيز على الصراعات الخارجية يصرف الانتباه والموارد عن القضايا الداخلية الملحة.
انقسام في صفوف الجمهوريين
على الرغم من أن العديد من الجمهوريين والديمقراطيين رحبوا بالضربات الإسرائيلية، إلا أن شريحة كبيرة من قاعدة ترامب، وخاصة بين الشباب، تُشكك في الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل. استطلاع رأي حديث أشار إلى أن 50% من الجمهوريين دون سن الخمسين لديهم وجهة نظر سلبية تجاه إسرائيل.
ترامب بين الدبلوماسية والتصعيد
في الوقت الذي كان فيه ترامب يُبدي انفتاحًا على الدبلوماسية مع إيران، ويُجري محادثات لنزع السلاح النووي، كان على علم مسبق بالهجمات الإسرائيلية. هذا التناقض في المواقف يثير تساؤلات حول مدى جدية ترامب في سعيه للسلام، وما إذا كان قد تم استغلاله من قبل إسرائيل لدفع أجندتها الخاصة.
هل حان وقت "التخلي عن إسرائيل"؟
في ظل هذه التطورات، يرتفع صوت يدعو إلى إعادة تقييم العلاقة الأمريكية الإسرائيلية. يرى البعض أنه يجب على الولايات المتحدة أن تتخلى عن سياسة الدعم غير المشروط لإسرائيل، وأن تسمح لها بخوض حروبها بمفردها.
السيناتور راند بول، على سبيل المثال، حذّر من الحرب مع إيران، ودعا ترامب إلى "وضع أمريكا في المقام الأول، وعدم المشاركة في أي حرب بين دول أخرى".
مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
يبقى السؤال: هل ستستمر الولايات المتحدة في دعم إسرائيل بغض النظر عن العواقب، أم أنها ستعيد النظر في سياستها الخارجية، وتتبنى نهجًا أكثر توازنًا يخدم المصالح الأمريكية أولاً؟
الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ومستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط.
اترك تعليقاً