هل تستطيع إسرائيل تحمل المزيد؟ تحليل عسكري لنتائج الضربات الإيرانية وتداعياتها الاستراتيجية

هل تستطيع إسرائيل تحمل المزيد؟ تحليل عسكري لنتائج الضربات الإيرانية وتداعياتها الاستراتيجية

مقدمة: تحول في قواعد الاشتباك

شهدت المنطقة تصعيدًا خطيرًا بعد الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل، والتي يرى الخبراء أنها تمثل تحولًا كبيرًا في طبيعة الردود الإيرانية. فما هي دلالات هذه الضربات؟ وما هي قدرة إسرائيل على تحمل استمرار هذا النوع من الهجمات؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا التحليل المعمق.

التخطيط والتنفيذ الإيراني: مفاجأة وتطور في الأداء

يُشير العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي، الخبير العسكري والاستراتيجي، إلى أن العملية الإيرانية الأخيرة اتسمت بعنصر المفاجأة والتخطيط الدقيق. فقد تمت تحت جنح الظلام لتفادي الرصد الاستخباراتي، مما يعكس تطورًا ملحوظًا في الأداء العملياتي الإيراني، على الرغم من التحديات الداخلية التي تواجهها.

  • استغلال عامل التوقيت: سعت إيران إلى استغلال عامل التوقيت وظروف الليل لتقليل أثر المراقبة عبر الأقمار الصناعية.
  • إعادة فرض الحضور الاستراتيجي: جاءت هذه الخطوة في محاولة لإعادة فرض الحضور الاستراتيجي الإيراني بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منظومات القيادة والسيطرة داخل إيران.

الهجوم الإيراني: حجم ونوعية الأسلحة المستخدمة

أعلنت إيران عن تنفيذ هجوم واسع النطاق ضد أهداف إسرائيلية، مؤكدة إطلاق مئات الصواريخ، بعضها من غواصات للمرة الأولى. واستهدفت الهجمات مقار عسكرية ومراكز قيادية، بما في ذلك وزارة الدفاع في تل أبيب.

  • استخدام متنوع للأسلحة: تعمدت إيران استخدام صواريخ بمديات وقدرات مختلفة، مما أربك المنظومات الدفاعية الإسرائيلية وجعل عملية التصدي مكلفة ومعقدة.
  • صواريخ فرط صوتية: استخدمت صواريخ فرط صوتية تنقض من الفضاء بسرعة هائلة، مما زاد من تأثيرها التدميري.

فشل الدفاعات الإسرائيلية: هل هي بداية النهاية؟

يشير الفلاحي إلى أن فشل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية أمام هذا الكم الهائل من الصواريخ يمثل مؤشرًا على عجز في التصدي لما وصفه بـ"الإغراق الصاروخي". فالأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، بدءًا من القبة الحديدية حتى منظومة "حيتس" و"ثاد" الأميركية، لا تستطيع مواجهة هذا العدد الكبير من الصواريخ المتنوعة في آن واحد.

الخسائر الإسرائيلية: أضرار مادية ومعنوية

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق عدة دفعات من الصواريخ وسقوط بعضها في مناطق متفرقة، بما في ذلك وسط تل أبيب، مما أسفر عن إصابة عشرات الإسرائيليين وإلحاق أضرار بعشرات المباني والمركبات.

"الوعد الصادق 3": تطور في الرد الإيراني

يؤكد الفلاحي أن ما سُمي بعملية "الوعد الصادق 3" يمثل تطورًا في طبيعة الرد الإيراني مقارنة بسابقتيها، إذ إن الصواريخ التي استُخدمت، لا سيما الفرط صوتية، جاءت بانقضاض مباشر من الفضاء بسرعة هائلة، ما جعل تأثيرها التدميري كبيرا.

تصميم إيراني على فرض معادلة ردع جديدة

يرى الفلاحي أن استمرار إيران في الرد، رغم الضربات التي طالت قيادتها العسكرية، يدل على تصميمها على فرض معادلة ردع جديدة.

التحديات الإسرائيلية: مشاركة أمريكية وازدياد الضغط الداخلي

يضيف الفلاحي أن التصدي الإسرائيلي للهجوم الإيراني لم يكن منفردا، بل شهد مشاركة أميركية وفرنسية، ما يعكس حجم التحدي الذي فرضه الهجوم الإيراني. كما أن إسرائيل تواجه ضغطًا داخليًا متزايدًا بسبب الخسائر، مما قد يفتح الباب أمام وساطة دولية.

السيناريوهات المستقبلية: استنزاف طويل الأمد وتوسع المواجهة

يحذر الفلاحي من أن استمرار هذه الضربات سيضع إسرائيل في موقف حرج، مشيرا إلى أن تل أبيب قد لا تتمكن من مواصلة التصعيد بالوتيرة نفسها. كما يرى أن تورط الولايات المتحدة المباشر في ضرب إيران قد يؤدي إلى توسيع المواجهة إقليميا.

الخلاصة: تداعيات إقليمية ودولية

تُشكل الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل نقطة تحول في الصراع الإقليمي. فهل ستتمكن إسرائيل من استيعاب هذه الصدمة والتكيف مع الواقع الجديد؟ وهل ستنجح الجهود الدبلوماسية في احتواء التصعيد ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مستقبل المنطقة بأسرها.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *